عن الموت وأشياء أخرى


لا شك في أن الوقت من أثمن الأشياء لدينا وذلك نابع من كونه ثروة غير قابلة للتجديد وكما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: " ماندمت على شيء ندامتي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي ".
لكن الغريب في الأمر أننا نصر علي تضييع هذا الكنزالثمين  فمثلا أنت غالبا كنت تقوم بشئٍ عديم القيمة عندما عثرت على هذا التدوينة وستنفق بعضا من تلك  الثروة  في قراءة باقي هذا المقال رغم أنها لن تفيدك  فما هي إلا مجرد محاولة لتذكيرك بأن لا تضيع الكثير من وقتك ..  ورغم تحذيري إياك أراك مصراً علي الاستمرار في فعلتك غير عابئٍ بما قلته لك  .. 

الحقيقة أني لم أجد سببا واضحا لما نقوم به .. لكن لعله (وهذا مجرد افتراض مني ولا أظنه صحيحا) طول الأمل .. والصورة المطبوعة في أذهاننا عن أن الموت ما زال بعيداً .. وأننا نمتلك متسعاً من الوقت للدراسة إن كنت طالبا أو للحصول على ترقية  إن كنت موظفا أو لتطوير مهاراتك مثلا أو القيام بأي فعل ذي قيمة ..  وهذا علي المدى البعيد ..

أما على المدى القريب كمهمة عاجلة مثلا فعلى حد قول العلماء (ويفترض أنهم صادقون) أن عقلنا ماكر جدا فهو دائم يجرنا إلى فعل الأشياء التي تبدو ممتعة ولا تكلفه الكثير من الطاقة كأن يقنعك بمشاهدة مقطع مضحك طوله دقيقتين بحجة أن مدته قصيرة  , فلا تستيقظ من غفلتك إلا على صوت رسالة نصية تخبرك أنك استهلكت حصتك اليومية من الإنترنت :) ؟؟   

تبا لي يبدو أنني انحرفت عن عنوان هذه التدوينة وهوالموت  .. حسنا لنعد إلى موضوعنا ..
  لستيف جوبز في خطابه الشهير مقولة رائعة  (حتى وإن كنت لا تحب شركة أبل وغالبا سبب ذلك أنك فقير مثلي لا تمتلك ثمنا لشراء iPhone X 😏  ) يقول فيها ..
عبر إبقائي لحقيقة – أني سأموت قريبا – حية في ذاكرتي، كان ذلك الأداة الأكثر أهمية لتساعدني على اتخاذ القرارات الكبيرة في حياتي، لأنه تقريبا يخفت كل شيء في مواجهة الموت – التوقعات، والكبرياء، والخوف من الحرج والفشل – تاركة الأشياء المهمة حقا لتظهر جلية. بأن تداوم على تذكير نفسك أنك ستموت لهو أفضل سبيل لأن تتفادى الوقوع في فخ مظنة أن لديك شيء لتخسره فتخاف عليه. أنت عار بالفعل، ولن تجد سببا مقنعا لكي لا تتبع قلبك.
كلنا بلا استثناء نكره الموت .. جرب أن تغمض عينيك للحظة ..  يفترض أنك غير قادر على القراءة الآن إن كانت عيناك مغمضتين لكن "ما علينا "  تفكر في أن عمرك محدود وأن جزءا منه قد انتهى بالفعل .. وأن كل لحظة تمر لن تعود مجددا .. أن الأيام التي مضت لم تعد سوى ذكريات .. وربما قد مضى من عمرك أكثر مما بقي .. ألا يخيفك هذا ؟!

هل سبق وسألت نفسك .. كم رمضانا تبقى لك وكم ختمة للقرآن ؟! .. كم مونديالا (كأس عالم) ستشاهد وكم كلاسيكو ستستمتع به ؟! .. كم مؤتمر Google IO ستحضر وما آخر نسخة من فئة Samsung Galaxy Note ستشهد  ؟! .. وكم رئيسا لبلدك ستبايع (ربما القليل إن كنت تعيش في كوكبنا 😅 ) .. وكم مرة ستتغير العملة الورقية في دولتك ؟! ..

هذا الموقع فكرته جميلة .. تكتب تاريخ ميلادك فيعطيك عدا تنازليا لما تبقى من عمرك (يفترض أن متوسط الأعمار 83 سنة ) .. وهذا موقع آخر يرسم لك عمرك بالأسابيع في صورة مربعات ..

 أن ترى أطفالا صغارا وآخرين في ريعان شبابهم يتخطفهم الموت من حولك لا بد أن يكون هذا  دافعا لك للمضي قدما في تحقيق ما تصبو إليه .. أن يدفعك لمطاردة أحلامك فالوقت محدود ولا سبيل لتضييعه في سفاسف الأمور .. أن تستمتع بكل يوم جديد  .. أن تكون بجوار من تحب لأطول فترة ممكنة .. أن تعتذر ممن أسأت له وممن أساء لك أيضا .. أن تستشعر مابك من نعم  .. أن تمارس هواياتك الجميلة وأن تعيش حياتك الخاصة بعيدا عن تلك الحياة الزائفة التي يجبرنا عليها هذا العالم الرأسمالي الجشع .. ببساطة 
 أن تكون أنت ..

يبدو أنها كانت فضفضة دون ترتيب أكثر من كونها تدوينة  .. لكني على كل حال  قررت أن أخرجها للملأ  ..

المصادر:


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مع الناس

فشرب النبي حتى رضيت