مع الناس

 للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله أسلوب ماتع جميل بسيط في الكتابة ..
في كتابه مع الناس والذي هو تجميعة مقالات للكاتب يأخذك في رحلة من رمضان دمشق في السابق إلى مشاكل رمضان ومن الرضا بالرزق إلى جواب لسؤال عن الحب والزواج والناس ويصطحبك في جولة إلى جبال لبنان ووديانها الساحرة  والكثير من المواضيع.


* يتحدث الشيخ في مقال عن التسويف وعن أن كل البشر بطريقة ما هم مصابون بهذا الداء اللعين ويحكي عن نفسه أنه كثيراً ما يؤجل إعداد محاضراته أو كتابة مقالاته حتى لا يبقى للمحاضرة إلا ساعات معدودة .. 

ولا أزال بين داعي الواجب، وداعي اللذة، أفكر في ثواب االصلاة فأتحفز للقيام، وأتصوّر لذة المنام وبرد الماء فأسترخي وأتقلب من جنب إلى جنب، ولا تزال نفسي بينهما كنواس الساعة (الرقاص) بين: (قم)، (نم)، (قم)، (نم)، (قم)، (نم)، حتى تدركني رحمة الله فأقفز.

* في مقال نشر سنة ١٩٥٢ بعنوان" لصوص الوقت"  يحكي الشيخ عن عدم احترامنا كشعوب عربية للوقت .. وفي مقال مشابه بعنوان " الوعود الشرقية" يتسائل الشيخ كيف أن الوعد الشرقي أصبح علماً على الوعود الكاذبة  واسم "الوعد الغربي" علماً على الوعود الصادقة ويذكر أن إخلاف الموعد الصغير هو الذي جر إلى إخلاف هذا الموعد الكبير.

* يتحدث الكاتب رحمه الله في مقال عن الزواج واصفا التعليم اليوم على أنه أكبرأسباب عزوف الشباب عن الزواج حتى سن متأخرة .. لأنه يبقي الشاب عالة على أهله حتى التخرج وربما يكون حينها قد بلغ الخامسة والعشرين. وذكر من الأسباب أيضا العادات التي تخرب بيت الخاطب وبيت الأب معاً وليس فيها نفع لأحد إنما هي للتفاخر أمام الناس.

* وفي مقال آخر ينتقد الشيخ رحمه الله الفنادق الفخمة في الدول العربية وأنها تميل لاستخدام لغات أجنبية في قوائم الطعام وحتى في الكلام وقال أنه يحس النار في أعصابه غضبا للعربية عندما يسمع العربي يتكلم بغيرها . 

إنهم يأكلون من خبزنا ويترفعون علينا، وإذا دخل الوطني هذه الفنادق بلباسه الشرقي العربي البلدي أروه الازدراء حتى يخجل بلباسه وهو في بلده.أقول مرة ثانية: إن هذا شيء لا يُحتمَل!لقد رضينا أن تأخذ هذه الفنادق من أموالنا بلا حق وأغمضنا عيوننا وتركناها تسرقنا، أما أن تأخذ من كرامتنا، وتعدو على لغتنا، وتزدري أزياءنا وعاداتنا، فلا.

* للكاتب رحمه الله مقولة جميلة اعترف فيها بخطأه في حلق اللحية قائلا :

أما حلق اللحية فلا والله ما أجمع على نفسي بين الفعل السيئ والقول السيئ، ولا أكتم الحق لأني مُخالِفُه، ولا أكذب على الله ولا على الناس. وأنا أقر على نفسي أني مخطئ في هذا، ولقد حاولت مرارًا أن أدع هذا الخطأ ولكن غلبتني شهوة النفس وقوة العادة، وأنا أسأل الله أن يعينني على نفسي حتى أُطلِقها


* الكتاب على صغره ملئ بالجمال .. رحم الله الشيخ علي الطنطاوي وأسكنه فسيح جناته

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فشرب النبي حتى رضيت